الرجال في الطبخ المغربي بين تشريف الصالحين و إعدام الغشاشين . من درجة مهنة شريفة في عصر بني مرين إلى درجة قائد في عصر العلويين ثم درجة قهرمان .
طباخ برتبة قائد أو شريف . صدرت نصوص في قانون الحسبة في عهد المرينيين بأن توضع مهن الطعام دون استثناء في خانة المهن الشريفة و نشر قانون يدعو كل المحتسبين إلى مراعاة ذلك و قد أشار إلى ذلك المحتسب ابن عبد الرؤوف و ابن عبدون و السقطي و الجرسيفي . و في عصر السعديين استحدث منصب العلاف ثم العلاف الكبير و هو برتبة منصب وزير أو مكلف بالغذاء و التمويين سواء العسكري أو المدني.
اما منصب قائد فقد استحدث في العصر العلوي
منصب قايد الجزارين : دوره تحضير الطعام السلطاني و فتل الكسكس أي صناعة الكسكس ودبح الخرفان و تحضير الشواء و حسب المؤرخ عبد الرحمن بن زيدان في كتابه ( إتحاف اعلام الناس باخبار ملوك مكناس ) فإن كل مهمة كان يخصص لها قايد و من أشهر هذه المناصب نجد قايد البراد و قايد الماء و غير ذلك .
أما مصطلح قهرمان بمعنى كبير الطهاة فقد أوردها الناصري في كتابه( الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى ) كمنصب يخص الطباخ و كبير الطهاة .
قايد أتاي مهمته تهيئ الشاي و أدواته ة الحفاظ على هذه الأدوات. و قايد الماء دوره طهي الماء و تهيئه و تبخيره و استعدابه ليصبح صالحا للشرب . و كان النظام السائد هو المناوبة بين هؤلاء القياد الطهاة بحيث أن كل فريق عمل منهم يبيت ليلته جاهزا قرب المطابخ و عند أدان الفجر و بعد الصلاة توقد نيران الافرانات و تدبح الخرفان و يبدأ تجهيز الفطور السلطاني ثم الأطعمة و الوجبات الخاصة بالقصر الملكي و الدار الكبيرة . و قد كان قصر الكشاشن بمكناس خاصا بهذه المهمة و سمي لاحقا دار المخزن أو الخزين الكبير حيث أنه كانت تخزن فيه كثير من المواد الغذائية و الادوات المستعملة في ذلك و فيه المطابخ السلطانية كما احدثت فيه مدرسة لتعليم الطبخ و المهارات التطبيقية لطبقة من البنات الفقيرات ليصبحن متدربات للعمل في بيوت الأغنياء و قد سمين بنات البخاري و كان لهن دور كبير بعد ذلك في نشر المطبخ المغربي و قد تكلفت السيدة خناتة زوجة المولى اسماعيل بتكفلهن و تربيتهن و تعليمهن في الدار الكبيرة و هي بين قصر المحنشة و قصر الكشاشين . و تعد أول مدرسة لتكوين طباخات في المغرب و بنات البخاري هم الدادات ، مما أعطى ولادة جديدة للمطبخ المغربي . عن كتاب ( إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس ) للمؤرخ عبد الرحمن بن زيدان .
و هذه دراسة سانشرها لاحقا عن تطور المطبخ المغربي ، وهي تستكشف النقلة النوعية التي حصلت في القرن السابع عشر و شكلت الطابع الحديث للمطبخ المغربي المعاصر .. يتبع . بقلم الهواري الحسين Houari Hossin
* عندما أعدم مولاي إسماعيل خبازين و تجارا بسبب الاحتكار و الغش
كان المثل الشعبي السائد في ذلك العصر هو :
(( من غشنا فليس منا ))
"كان مولاي إسماعيل يراقب بنفسه صناعة الخبز، يأخذ عينات من أفران متعددة، فإذا وجدها من نوعية رديئة أو دون الوزن الذي ينص عليه القانون، ضرب رقبة صاحب المخبزة عقابا له؛ وكان يتخذ نفس الإجراء مع تجار الفواكه"، يسرد جوسيف دو ليون في كتابه Vie de Moulay Ismail. roi de Fès et de Maroc الذي خصصه عن السلطان المغربي مولاي إسماعيل الذي حكم المغرب في الفترة الممتدة بين 1672 و1727.
مراقبة الجودة
يزيد الكاتب نفسه وهو يتحدث عن المجاعة التي ضربت المغرب في عهد مولاي إسماعيل وما يقوم به هذا السلطان الذي حكم المغرب 55 عاما لتدبير أزمة الخبز في هذه المحنة التي حلت برعيته إبان حكمه قائلا: "على أن المحتسب هو الذي كان يتعرض لعقوبة الإعدام، أو يخسر وظيفته وأملاكه، إذا كانت نوعية البضائع رديئة. زيادة على ذلك كان السلطان يمارس مراقبته على كل ما يتعلق بالمواد الغذائية بواسطة العيون، أولئك الذين يخبرونه بحالة البضائع، وكان الباشوات والقياد يتحملون المسؤولية عن الغش والتدليس"، وأضاف: "في كل سنة يتم تحديد سعر الحبوب والفواكه تبعا لنوعية محصولها، ثم يعمد السلطان إلى بيع محاصيله بنصف الثمن لتخفيض السعر في الأسواق".
كانت هذه الإجراءَات بسبب المجاعة التي حلّت بالمغرب في فترة حكم مولاي إسماعيل، والتي تقول مصادر تاريخية إن الكثير من التجار استغلوها لاحتكار القمح وبيعه بثمن مرتفع؛ إذ لم يكن سبب المجاعة هو غياب القمح، بل غلاؤه وعدم قدرة الفقراء والضعفاء على شرائه.
نقص في الخبز ...
Houari Hossin الهواري الحسين