دور حوض درعة وسجلماسة في المطبخ المغر
مركز حضاري عبر التاريخ . قراءة في نصوص بلين و مسالك البكري و ليون الإفريقي وتاريخ ابن خلدون ، لا أريد إثارة المزيد من الجدل حول مسالة تاريخ سجلماسة العظيم ، هل أسسها الرومان ام الفينيقيين ام بنو مدرار ؟ لكن المؤرخين يجمعون أنها أقدم عاصمة كبرى في الصحراء قبل تاهرت بسبع سنوات و بعد القيروان وقد أسال تاريخها الكثير من المداد في هذا الموضوع و كتب مؤلفون كثيرون في هذا الميدان و سأكتفي بالميدان الغذائي / المدفونة و بداز و غيرهما كثرات مغربي خالص لهذه المنطقة العريقة منذ قديم الزمان حيث عرفت دمج و تلاقح و التقاء عدة نماذج ثقافية من إفريقيا و آسيا و أوروبا و تميزت بكونها ملتقى حضارات إفريقيا جنوب الصحراء و حضارات حوض المتوسط في الزمن القديم و قد أشارت الكتابات الفينيقية إلى دورها في رحلة حانون القرطاجي التي تعتبر أقدم وثيقة متوفرة إلى اليوم و ما زيارة الحاكم الروماني إلى سجلماسة ( في رحلة ما وراء خط الليمس والأطلس ) إلا حجة تاريخية باعتبارها عاصمة قوية وغنية في تلك الحقبة حيث استحوذت على طرق التجارة العابرة للقارات ( إفريقيا وأوروبا وآسيا ) والأسواق التجارية العالمية , وقد كانت محور تجاري و سياسي أساسي و حساس لباقي الحضارات والامبراطوريات الافريقية ((من التكرور و مالي و ممالك حوض النيجر)) حتى الأندلس و قد اجتمع فيها خليط من الثقافات و الفنون كما التقى فيها التجار و الزوار و المهنيين و العلماء و المهندسين و كلهم تركوا بصماتهم التي لا تزال حاضرة في تراث منطقة حوض درعة عموما ، لنتعرف أولا على تاريخ سجلماسة و حضارتها من النصوص الشائعة والمتداولة على أن نعرج لاحقا للكلام عن تراثها الغذائي و الثقافي والتراثي العريق .
سِجِلْماسَةُ مدينة تاريخية كانت تقع وسط واحة كبيرة جنوب الأطلس الكبير و قد كانت أكبر مدينة في حوض درعة إلى جانب تافيلالت الحالية، وقد بقي منها اليوم مواقع أثرية تضم آثارها .
و تاريخيا فإن سجلماسة هي ثاني مدينة تشيد بالمغرب الإسلامي بعد مدينة القيروان وهي عاصمة أول دولة في المغرب الكبير مستقلة عن الخلافة بالمشرق وهي إمارة بني مدر. تذهب بعض المصادر التاريخية أن سجلماسة بنيت سنة 140 هـ/757م في قلب واحة خصبة كانت عبارة عن مراعي يؤمها عدد من الرحل لتبادل منتوجاتهم في إطار موسم تجاري سنوي، وهو موقع استراتيجي بالنسبة لمختلف مناطق شمال أفريقيا وبلاد السودان الغربي من جهة والمشرق الإسلامي من جهة ثانية، وقد ساعدها ذلك الموقع على لعب دور ريادي ولمدة طويلة في تجارة القوافل وتنظيم شبكتها، الشيء الذي جعل اسم سجلماسة يرتبط في الكتابات العربية بتجارة الذهب.
ونتيجة لذلك ازدهرت سجلماسة في مختلف نواحي الحياة، فمن الناحية السياسية بسطت سجلماسة نفوذها على عدة مناطق من بينها درعة، أغمات، أحواز فاس، قبل أن تصبح إقليماً متميزاً تابعاً لامبراطوريات وممالك المغرب الكبير المتلاحقة، وفي المجال الاقتصادي فقد انتعشت الفلاحة بفضل نظام متطور للري وتطورت الصناعات بشكل ملحوظ ومن أهمها صناعة الفخار وازدهرت التجارة والتبادلات والقوافل التجارية ومن أهمها تجارة الذهب.
كان دورها كبير في جذب وتشجيع تجارة القوافل مع أفريقيا جنوب الصحراء. و قد خضعت سجلماسة لحكم دولة المرابطين و الموحدين و المرينيين….يتبع ، بقلم الهواري الحسين Houari Hossin . A suivre