تحديد المطبخ المغربي في المطبخ الأندلسي عبر مقارنة مخطوطة ( الطبيخ في المغرب والأندلس في عصر الموحدين)والمعروف بمخطوطة (( المجهول الأندلسي )) وهي تعود للقرن الثالث عشر، ( بقلم الهواري الحسين)
تتضمن المخطوطة ما يناهز 526 وصفة، تختلط فيها (وصفات الأسماك و وصفات اللحوم، و وصفات الخضروات و المهروسات ، جنبا إلى جنب مع وصفات الحلويات) ما يثير في هذا الكتاب هو نموذج المطبخ المغربي في القرن 12 و 13 -أي في العصر الموحدي و قبله المرابطي - الذي شاع في شمال إفريقيا و أوروبا و داع صيته في أقطار بعيدة حتى آسيا و كان رائدا و مثالا للذوق الرفيع في العالم و صار قدوة للطباخين في البلاطات و عند ملوك و أمراء أوروبا .
لقد كان المطبخ المغربي في العصور الوسطى حاسما ومؤثرا في الغرب و في حوض المتوسط ، و حسب الكثير من الباحثين و الدارسين و في العديد من الأطروحات و النقاشات التي دارت حول هذا الأمر و تناولته بإسهاب فقد كان هو الرائد و القدوة . و لسوء الحظ فنحن لا نعرف الكثير عن مؤلف هذه المخطوطة. ((المجهول الأندلسي)) لكن العديد من القرائن تشير الى أنه رجل من بين الطبقة العليا في الأندلس عاش قرب قرطبة (1236) كما أنه عاش في مراكش قبل 1198 وبالاشارة إلى الوصفات و الأشخاص و الامكنة التي ذكرها في كتابه فهو يخبرنا أنه مكث في سبتة بين 1202 و 1216 و عاش كذلك بفاس وبالتالي فهو مقيم أندلسي في المغرب و (شمال أفريقيا)، بالإضافة إلى أنه رحالة و مسافر وذواقة و طباخ مميز . وضم في كتابه وصفات من المغرب و الأندلس والمشرق العربي، ولكن إعجابه بالطبخ المغربي دفعه لأن يعطيه حيزا كبيرا .في هذه المخطوطة نجد مجموعة من وصفات الطبخ و الطهي المشتركة بين المطبخ المغربي العربي و البربري و المغاربي و المطبخ الأندلسي في الغرب الأوروبي ممزوجا ومخصبا بوصفات عربية و فارسية و صقلية. إن وصفات الأطباق المغربية ظاهرة و جلية في المأكولات الأندلسية كما كانت بالأمس و حتى اليوم فقد بسطت نفوذها على مطابخ حوض البحر الأبيض المتوسط و أثرت فيه لا سيما في حقبة العصرين المرابطي والموحدي الأندلسي و هي جلية أكثر في اسبانيا و البرتغال و فرنسا و ماحولهم و في مستعمراتهم .
يعتمد الذوق المغربي على العديد التوابل و هي ميزته منذ العصور الوسطى وبعض التوابل هي الأكثر استخداما منذ القديم كتوابل رئيسية الزنجبيل و الفلفل والقرفة و الزعفران و الكزبرة والكمون. والمسك والكافور و جوزة الطيب. بينما كانت وصفات العديد من البلدان خالية من التوابل و حدها الاعشاب و الخردل هي الأكثر شيوعا فيها .
بينما عرف المطبخ المغربي استخدام مياه التقطير كماء الورد وماء الزهر فقد استعمل على نطاق واسع.
و اللحوم المطبوخة بالعسل والحلوة بمزج وصفات الحلو والحامض (السكر أو العسل ، و مياه الورد ) بإضافة الذوق الحامض sucee-salée و المربى و المكسرات واللوز والبندق والفستق والصنوبر والجوز والكستناء والزبيب.
ويمكن القول أن إرث المطبخ الأندلسي قد هيمن في القرون الوسطى على حوض المتوسط و قد كان يختلف تماما عن المطبخ الأوروبي في تلك العصور ومع ذلك يمكن أن نرى أنه قد أثر على فن الطهو الأوروبي من خلال المطبخ الكاتالوني والمأكولات الإيطالية و قل أثر في كثير من الطهاة و كتاب الطبخ في تلك الحقبة ونجد آثاره في كتب مثل ليبر كوكينا، وسو و مايسترو مارتينو وروبرت دي نولا الذين أدرجوا الأذواق الشرقية إلى المطبخ الأوروبي. وقد ورث الأوروبيون من الأندلس التقنيات والنكهات والمنتجات ، والمأكولات المغربية و العربية والمأكولات الاندلسية .
لقد تركت لنا الاندلس كثيرا من الكتب لاسيما كتب الطبخ المتميزة ككتاب ابن رزين التجيبي فضلات الخوان و كتاب زرياب في الطبيخ و غيرهم لكن ما يميز كتاب الطبيخ في عصر الموحدين هو تركيزه على المطبخ المغربي ومقارباته مع المطابخ الأخرى في القرون الوسطى في الأندلس و المغرب و شمال إفريقيا.
لقد شهدت الأندلس في العصر الموحدي و قبله العصر المرابطي روعة الثقافة المغربية وتمازجها مع الثقافة الأندلسية و هي روعة تجلت في ما تركته لنا تلك الحقبة المجيدة شاهدتا على عصر الأنوار و الرفاهية في كتابي طباخين واقي كبيرين ( هما كتاب الطبيخ في عصر الموحدين و فضلات الخوان ) . و اليوم لا زلنا نجد هذا الذوق و الفن الرفيع في المطبخ المغربي من خلال العديد من والصفات من الجنوب إلى الشرق ومن الشمال إلى الغرب و في كل ربوع المغرب يتالق هذا التراث الانساني الحضاري وهو موجود بشكل خاص في مطبخ المدن العتيقة المغربية كفاس وتطوان وطنجة ومراكش و شفشاون و العرائش و تافيلالت و تارودانت و غيرهم من المدن العتيقة وكذلك الأمر راجع لأن أغلب سكان الأندلس بعد الفاجعة الكبرى لجؤوا إلى المغرب و شمال إفريقيا ، من إشبيلية وغرناطة و باقي الثغور . يتمحور الكتاب حول مقدمة مفيدة في الغذاء الصحي والحمية و أفكار عامة حول الطهي والغذاء وعادات الطهي، ودراسة بعض المنتجات والأواني والخدمة. وتتبع هذه المقدمة فصول مع وصفات:بسيطة عن التفاية بأنواعها ، مع وصفات الميرغيز merguez و مختلف مشاوي اللحوم و الأطباق الكثيفة والأطباق المخضرمة و أطباق اللحوم والطيور والأسماك وأنواع الكسكس و أطباق الأرز و انواع الهريسة و المعكرونة والأطباق المماثلة ، و اقسام من فئات اخرى من الرفيس والخبز والحلاوة وما يشبه ذلك و وصفات الخبز والحلويات (وصفات الحلوة والفطائر و المملحات وحشوات اللحوم و الخضار) ، و قسم المشروبات و الفاكهة . ان تاثير المطبخ المغربي و الأندلسي العربي على المأكولات و المطابخ داخل الثقافات المتوسطية المتعددة لا يمكن تجاهلها … يتبع ، بقلم الهواري الحسين Houari Hossin
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire