samedi 29 août 2020

The Culinary Crescent أخطاء المستشرقين قراءة كتاب

 مصادر ويكيبيديا جزء2 :  كتاب هلال الطهي

 The Culinary Crescent . أخطاء المستشرقين 

حق الملكية الفكرية للمغرب في خصوصياته لا لثقافة القطيع الشمولية ، الخلط عند المستشرقين بين ثقافات الشرق الأوسط و شمال إفريقيا و المغرب خصوصا ، بيتر هاينة نموذجا . لم ينحو الباحث الألماني الكبير Peter Heine  الاختصاصي في دراسة ثقافة الشرق الأوسط منذ 50 سنة في كتبه عن ( ثقافة الطهي في الشرق الأدنى والشرق الأوسط وشمال إفريقيا ) ضمن سلسلة (ثقافة الطهي في العالم) من الوقوع في نفس الخطأ و الخلط الذي وقع فيه باحثون و مؤرخون غربيون سبقوه و هو خلط الثقافة المشرقية بالمغربية في بوثقة واحدة  ثقافة القطيع و ووضعها ضمن سلة الثقافة الشمولية العربية دون اعتبار للخصوصية الثقافية و  الملكية الفكرية للمغرب و التراث الخاص بكل دولة ومجتمع . 

فعنوان كتابه ( الطبخ في الهلال تاريخ الطبخ في الشرق ) و الذي يقحم فيه الطبخ المغربي بصفته أحد المطابخ الشرق أوسطية أي ضمن الهلال Crescent  (  و الهلال كلمة يشار بها إلى الهلال الخصيب و هي منطقة جغرافية تمتد من النيل إلى نهر الأردن مرورا بدجلة و الفرات و بلاد الشام ) بمعنى أن المؤلف يضع المغرب داخل جغرافية الهلال الخصيب و منطقة الشرق الأوسط ، أي أنه متأثر بنفس الثقافة و يخضع لنفس النمط الشرق أوسطي . و هي نفس النظرة الأحادية التي سبقها اليه مستشرقين قبله،  ففي نظره الغابة تتكون من الأشجار  دون أهمية لنوعها و شكلها  وخصائصها و هي بمعنى آخر أن كل الأشجار تشكل الغابة لا فرق بينها فما دمت موجودا في نفس الرقعة الجغرافية فأنت تخضع لنفس الثقافة و نفس النمط الغذائي المعيشي و ما دمت متواجدا في نفس و تحمل نفس الأيديولوجيات المشتركة مع آخرين في نفس المنطقة فأنت تخضع لنفس النظام الثقافي والحضاري و الغذائي أي أنك داخل الصف وهذا لا ينطبق و لا يطبقونه على المجتمعات و البلدان الغربية و الاوروبية التي من حقها أن تتميز و تمتاز بحقوق الخصوصية و التفرد في كل ثقافة أي أن الاعتقاد السائد عند هؤلاء المستشرقين أن ثقافة القطيع هي السائدة في المجتمعات الشرقية و التي يحشرون فيها المغرب . و قد تناولت بالبحث في الجزء الأول كتاب ديفيد وينز( مطبخ الخلفاء ) و ما أثاره حول الطبخ المغربي .. . بقلم الهواري الحسين Houari Hossin 

قراءة مختصرة لفصول كتاب :  هلال الطهي 

في نظر بيتر هاينة تنبع المأكولات المماثلة من الشرق الأدنى والشرق الأوسط وشمال إفريقيا من ثقافات قديمة ومناخات متفاوتة ، تتراوح من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى الصحراء. تطورت الديانات التوحيدية الرئيسية في الشرق الأوسط ، و  كيف تستمر القيود الدينية على الطعام والشراب في لعب دور مهم في عادات الأكل لدى المسلمين واليهود والمسيحيين. معظم سكان المناطق من العرب ، وبالتالي فإن التركيز  ينصب في المقام الأول على ثقافات الطعام العربية الإسلامية. كما تمت مناقشة تأثير الاستعمار والعولمة وتحديث سلاسل الغذاء في الفصول الموضوعية. تعطي هذه النظرة الشاملة نظرة ثاقبة على حياة الناس العاديين في المناطق من خلال ثقافتهم الغذائية. فصل يصف المواد الغذائية الرئيسية وكيفية استخدامها. يتناول الآخر أدوار الجنسين والطهي ، واستخدام كتب الطبخ وتفاصيل المطبخ النموذجي ومحتوياته ، من الأجهزة المنزلية إلى الأواني. يُظهر فصل عن الوجبات النموذجية الطقوس اليومية لمختلف الشعوب. حديثة .

أنه كتاب عن التاريخ الثقافي للطعام ، مع وصفات ، "كما يرشد بيتر هاين. درس الأكاديمي والمؤلف الألماني الشهير الشرق الأوسط لأكثر من 50 عامًا ، مع التركيز على العادات والسلوك فيما يتعلق بالطعام والضيافة. يقدم عنوان كتابه الأخير ، The Culinary Crescent: A History of Middle Eastern Cuisine ، مؤشراً على حجمها وطموحها ، ويذهب إلى حد ما في تفسير عدم رغبته في تصنيفها على أنها إما مجلد تاريخي أو كتاب طبخ روح العصر.

أصبح طعام الشرق الأوسط خاصية ساخنة في دائرة الطهي في الغرب في السنوات الأخيرة. احتضن مشاهير الطهاة والبرامج التلفزيونية والمطاعم ومحلات السوبر ماركت المكونات والأطباق من المنطقة ، وأصبحت أمثال الحمص والفلافل والشكشوكة والمحمرة كيانات مألوفة في قوائم المطاعم العصرية ، بل إنها دعامة أساسية في المطابخ المنزلية.

على الرغم من ذلك ، يشعر هاينه أنه في الدوائر العلمية وخارجها ، لا يزال هناك نقص في المعرفة والفهم لكيفية ظهور المطبخ ، والتأثيرات التي شكلته وتطوره بمرور الوقت. من الأهمية بمكان بالنسبة له أن هذا لا يشمل فقط الماكرو - تأثير الدين والحرب والسياسة والاقتصاد والسفر - ولكن الجزئي أيضًا ؛ إضافة توابل إلى طبق عتيق في بلاط موغال عن طريق الصدفة يغير طريقة صنعه بعد ذلك ، على سبيل المثال.

عندما سُئل عن سبب شعوره بأن الكتاب كان مهمًا وضروريًا للكتابة ، قال هاين: "الحقائق الأساسية للأكل والطعام هي نفسها تقريبًا بين جميع البشر: كل البشر بحاجة إلى تناول الطعام. ليس ذلك فحسب ، يمكن أن يكون الطعام جزءًا من الهوية الإقليمية والوطنية ، فضلاً عن عامل الاختلاف الاجتماعي. ما يميز ثقافة الطعام العربي هو الدور المهم للضيافة مقارنة بالمجتمعات في شمال أوروبا.

يبدأ هلال الطهي بتقديم لمحة عامة عن أهمية الطعام في العقيدة الإسلامية ، وتغطية القواعد والطقوس ، ودور أطباق ومكونات معينة خلال المناسبات والاحتفالات الدينية.

بقلم الهواري الحسين Houari Hossin

المزيد أنظر الجزء1 

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10214837408963400&id=1671697917

قراءة مختصرة لكتاب مطبخ الخلفاء ديفيد وينز

 D'où vient le scandale من أين أتت الفضيحة

تزوير و تدليس الحقيقة ، قراءة كتاب مطبخ الخلفاء

هل حان الوقت لإعادة كتابة تاريخ الطبخ المغربي ؟

ليس المشكل محصور في موقع ويكيبيديا وحدها بل في  مصادرها و مراجعها  و أحد أبرز رموزهم ديفيد وينز أستاذ جامعة لانكاستر و مريديه في البلاد العربية و اخص بهم مترجمه و بوقه المعروف فاروق مردم بك الذين ما فتؤوا يتجاهلون  و يجهلون دون خجل و لا استحياء و يزورون بإصرار تاريخ الطبخ المغربي بل يستصغرون حقوق المغرب في تاريخه و يحورون الحقيقة - و هي لا تخفى أبدا - مدعين أن كل أصل و تاريخ الطبخ المغربي هو من الشرق الأوسط و خاصة بأنه  وريث العصر العباسي و إمتداد له وصل إلى المغرب عبر  الأندلس ،إنهم يحاولون تغطية فشلهم بالغش والخداع و تدليس الحقيقية في لعبة تبادل الأدوار ، بل إن ديفيد وينز يجزم بأن الأطباق المغربية كلها و الأطعمة المتداولة في المغرب و الأندلس تعود إلى مؤسسها  زرياب( موسيقي عراقي فر إلى الأندلس في القرن العاشر ) و إلى الأمير ابراهيم بن المهدي شقيق هارون الرشيد الذي ألف كتاب الطبيخ البغدادي( عاش في  بغداد)  و لابن عبد الكريم البغدادي صاحب الطبيخ  و لابن الوراق البغدادي و غيرهم من المؤلفين العباسيين فى العراق و الأمويين في دمشق  كابن العديم الحلبي صاحب الوصلة إلى الحبيب . و مثل وينز ذهب على خطاه آخرين بولنز و...

و أنا أجزم بأن هناك فرق كبير بين الطبخ المغربي و بين الطبخ الشرقي و لا أرى أي تشابه بين طبخ المغرب و المشرق و حتى لا وجود للمقاربة بينهما .

 لقد حان الوقت لنبين لهؤلاء أن تاريخ الطبخ المغربي الأصيل و أصوله و جذوره و مصادره و انطلاقه كانا في المغرب و على هذه الأرض الطيبة بين ثنايا جبال الأطلس الشامخة و المحيط الأطلسي و الأبيض المتوسط لنوضح للعالم كله أن هذا التراث الثقافي والحضاري المغربي و العالمي أثر أكثر مما تأثر و أعطى أكثر مما أخذ للعالم في مثاقفة إنسانية عالمية و لا يمكن أن نقبل باستباحة هويتنا الحضارية و موروثنا الثقافي والحضاري المغربي التدليس و التزوير و السرقة .. بقلم الهواري الحسين Houari Hossin  

*David Waines, professeur émérite, Université de Lancaster, Angleterre

انظر كذلك الجزء الثاني:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10214843434754041&id=1671697917

vendredi 14 août 2020

الرجال في الطبخ المغربي بين تشريف الصالحين و إعدام الغشاشين . من درجة مهنة شريفة في عصر بني مرين إلى درجة قائد في عصر العلويين ثم درجة قهرمان .

 الرجال في الطبخ المغربي بين تشريف الصالحين و إعدام الغشاشين . من درجة مهنة شريفة في عصر بني مرين إلى درجة قائد  في عصر العلويين ثم درجة قهرمان .

طباخ برتبة قائد أو شريف . صدرت نصوص في قانون الحسبة في عهد المرينيين بأن توضع مهن الطعام دون استثناء في خانة المهن الشريفة و نشر قانون يدعو كل المحتسبين إلى مراعاة ذلك و قد أشار إلى ذلك  المحتسب ابن عبد الرؤوف و ابن عبدون و السقطي و الجرسيفي . و في عصر السعديين استحدث منصب العلاف ثم  العلاف الكبير و هو برتبة منصب وزير أو مكلف بالغذاء و التمويين سواء العسكري أو المدني. 

 اما منصب قائد فقد استحدث في العصر العلوي 

منصب قايد الجزارين : دوره تحضير الطعام السلطاني و فتل الكسكس أي صناعة الكسكس  ودبح الخرفان و تحضير الشواء و حسب المؤرخ عبد الرحمن بن زيدان في كتابه  ( إتحاف اعلام الناس باخبار ملوك  مكناس ) فإن كل مهمة كان يخصص لها قايد  و من أشهر هذه المناصب نجد قايد البراد و قايد الماء و غير ذلك .

أما مصطلح قهرمان بمعنى كبير الطهاة فقد أوردها الناصري في كتابه( الاستقصا في تاريخ المغرب الأقصى ) كمنصب يخص الطباخ و كبير الطهاة .

قايد أتاي مهمته تهيئ الشاي و أدواته ة الحفاظ على هذه الأدوات. و قايد الماء دوره طهي الماء و تهيئه و تبخيره و استعدابه ليصبح صالحا للشرب . و كان النظام السائد هو المناوبة بين هؤلاء القياد الطهاة بحيث أن كل فريق عمل منهم يبيت ليلته جاهزا قرب المطابخ و عند أدان الفجر  و بعد الصلاة توقد نيران الافرانات و تدبح الخرفان و يبدأ تجهيز الفطور السلطاني ثم الأطعمة و الوجبات الخاصة بالقصر الملكي و الدار الكبيرة . و قد كان قصر الكشاشن بمكناس خاصا بهذه المهمة و سمي لاحقا دار المخزن أو الخزين الكبير حيث أنه كانت تخزن فيه كثير من المواد الغذائية و الادوات المستعملة في ذلك و فيه المطابخ السلطانية كما احدثت فيه مدرسة لتعليم الطبخ و المهارات التطبيقية لطبقة من البنات الفقيرات ليصبحن متدربات للعمل في بيوت الأغنياء و قد سمين  بنات البخاري و كان لهن  دور كبير بعد ذلك  في نشر  المطبخ المغربي  و قد تكلفت السيدة خناتة زوجة المولى اسماعيل بتكفلهن و تربيتهن و تعليمهن في الدار الكبيرة و هي  بين قصر المحنشة و قصر الكشاشين . و تعد أول مدرسة لتكوين طباخات في المغرب و  بنات البخاري هم الدادات   ، مما أعطى  ولادة جديدة للمطبخ المغربي .  عن كتاب ( إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس ) للمؤرخ عبد الرحمن بن زيدان .

و هذه دراسة سانشرها لاحقا عن تطور المطبخ المغربي ، وهي تستكشف النقلة النوعية التي حصلت في القرن السابع عشر  و شكلت الطابع الحديث للمطبخ المغربي المعاصر .. يتبع  . بقلم الهواري الحسين Houari Hossin 


* عندما أعدم مولاي إسماعيل خبازين و تجارا بسبب الاحتكار و الغش 

كان المثل الشعبي السائد في ذلك العصر هو :

(( من غشنا فليس منا ))

"كان مولاي إسماعيل يراقب بنفسه صناعة الخبز، يأخذ عينات من أفران متعددة، فإذا وجدها من نوعية رديئة أو دون الوزن الذي ينص عليه القانون، ضرب رقبة صاحب المخبزة عقابا له؛ وكان يتخذ نفس الإجراء مع تجار الفواكه"، يسرد جوسيف دو ليون في كتابه Vie de Moulay Ismail. roi de Fès et de Maroc الذي خصصه عن السلطان المغربي مولاي إسماعيل الذي حكم المغرب في الفترة الممتدة بين 1672 و1727.

مراقبة الجودة

يزيد الكاتب نفسه وهو يتحدث عن المجاعة التي ضربت المغرب في عهد مولاي إسماعيل وما يقوم به هذا السلطان الذي حكم المغرب 55 عاما لتدبير أزمة الخبز في هذه المحنة التي حلت برعيته إبان حكمه قائلا: "على أن المحتسب هو الذي كان يتعرض لعقوبة الإعدام، أو يخسر وظيفته وأملاكه، إذا كانت نوعية البضائع رديئة. زيادة على ذلك كان السلطان يمارس مراقبته على كل ما يتعلق بالمواد الغذائية بواسطة العيون، أولئك الذين يخبرونه بحالة البضائع، وكان الباشوات والقياد يتحملون المسؤولية عن الغش والتدليس"، وأضاف: "في كل سنة يتم تحديد سعر الحبوب والفواكه تبعا لنوعية محصولها، ثم يعمد السلطان إلى بيع محاصيله بنصف الثمن لتخفيض السعر في الأسواق".

كانت هذه الإجراءَات بسبب المجاعة التي حلّت بالمغرب في فترة حكم مولاي إسماعيل، والتي تقول مصادر تاريخية إن الكثير من التجار استغلوها لاحتكار القمح وبيعه بثمن مرتفع؛ إذ لم يكن سبب المجاعة هو غياب القمح، بل غلاؤه وعدم قدرة الفقراء والضعفاء على شرائه.

نقص في الخبز ...

Houari Hossin الهواري الحسين

dimanche 2 août 2020

لهذه الأسباب صمد المطبخ المغربي و انتشر في بلدان العالم

مقالتي اليوم على جريدة " المساء "  اقرأ 
- لهذه الأسباب صمد المطبخ المغربي و انتشر في بلدان العالم
عند الحديث عن الإبتكار في النمط الغذائي  ، لابد من الاشارة اولا الى ان المطبخ المغربي يتركب من عدة  مطابخ غير متجانسة إطلاقا ، يحاول المغاربة حاليا  تجميعها و تصميمها ككتلة متجانسة عبر طبعها بذوق  خاص و من تم تعميمها و هذا يلاحظ عند كثير من الطباخين الشباب في محاولة  لإعطاء المطبخ المغربي مفهوما موحدا ( للتقارب)  عن طريق وضعه لقوانين علمية وتقنيات  معاصرة  في محاولة لتطعيمه  وتعشيقه بوصفات جديدة من مطابخ أخرى أغلبها أوروبية و متوسطة و آسيوية  وذلك  بإخضاعها للذوق المغربي ، و هذا ما حصل للمطبخ المغربي في أزمنة سابقة و جعله خليط غير متوافق او بلغة مجازية ( متنوع الاذواق و لا متجانس مثلا الحلو / الحامض  )   و مع كونه في  الأصل يحمل متضادات  غير متوافقة في السلم  ( سلم ابن رشد و غيره من الأطباء العرب و اليونان ) ، خليط  يتشكل من وصفات بسيطة و أخرى جد معقدة فالأولى جبلية و صحراوية يغلب عليها طابع البداوة والثانية مدنية يغلب عليها طابع الصنعة والمهارة  أو التركيب composées / complexes  ( وصفات منمقة تتركب في غالبها من عدة وصفات ) و كانت  قد تأثرت  بعدة ثقافات  تبعا للشعوب الكثيرة و الحضارات  التي استوطنت هذه الأرض السعيدة و تركت بصماتها وتأثيرها القوي تارة او الوضيع تارة اخرى و لا غرابة انه بمرور الأجيال و الأعوام الطويلة انصهر هذا الخليط و شكل في خاتمة المطاف شكلا صار ما هو عليه اليوم . وككل  الثقافات الأخرى فهو يخضع لإشكاليات وجدليات التاريخ  ، و لا غرو أن يعالج كأي  ثقافة غيره بتمعن و دراية . و سواء خضع لعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا او كثقافة تراثية  غذائية محضة بعيدا عن التحليلات العلمية او العقيمة فسنرى  ان تكوينه  و بعدها تركيبه  و تشكيله استمر لآلاف السنين و تداولت فيه عدة تشكيلات و تنويعات  و تطورات وحتى انتكاسات  مع الزمن حسب احوال كل حقبة سواء قوتها او ضعفها و حسب سخاء  الأرض و بوارها ، الأرض لعبت دورها في المطابخ المغربية و الثقافة الغذائية عموما تتحول وتتأرجح بين الرخاء  والنماء و الجدب و الكفاف و الحاجة    من اليسر إلى العسر بين ازدهار عصور و انحطاط أخرى   في مد وجزر تبعا للظروف  و الأحكام و الأحداث ،  فقد تأثر بكل ما حصل وتنوع تبعا للواقع المعاش في كل لحظة تاريخية و هذا ان دل على شيء فإنما يدل على أن هذه الثقافة كانت حية دائما تتعايش  مع الواقع المعاش و تنتقل من جيل إلى جيل و تتقدم و تضمحل حسب رقي وانحطاط تلك الشعوب القديمة حتى تشكل  اكلات لسنوات الجفاف و الكفاف و أخرى لأعوام الخير و الخيرات ، ثم ما مدى تأثير الوعي و الرقي عند تلك الشعوب و درجات ثقافتها و مجدها عامل آخر مهم  فهذا بدوره شكل  نظرية ثقافية للغذاء سيما في المدن  المتحضرة  و شكل طرازا لطبقة النبلاء و أرضية و نوعية معينة  متينة لنمط غذائي سائد و يشمل عدة وصفات  لا زالت مستمرة  بشكل  إثني او ديني او طقسي ، نلاحظ ان  الثقافة الغذائية في المغرب  تعتمد على غذاء الجمع أي أنها ثقافة الجموع و الجماعة  و ليست ثقافة  الأفراد بمعنى انها عائلية و أسرية  و لا تتجزأ  كما هو حال ثقافة شعوب أخرى و نذكر على سبيل المثال لا الحصر  الثقافة الغذاءية الرومانية ( و قد ذكرت الرومانية لأسباب سأعود لها لاحقا لما شاكلته الثقافة الرومانية في المطبخ المغربي ) لكني سأكتفي هنا بإعادة نشر جزء سابق عن الكسكس و المطبخ المغربي  و مامدى قوته و الإقناع   الذي  قوبل به لتتقبله ثقافات شعوب اخرى و تحتضنه  و تمارسه  و لاحقا ساتناول تتمنى هذا الموضوع  ، الكسكس  كدليل  على ذلك
لماذا فشل الكسكس المغربي في  الشرق العربي ؟
بينما نجح في الوصول إلى  باقي بلدان المعمور  ، (  فصل من كتاب:  تاريخ المطبخ المغربي  الحسين الهواري )
لولا الإصرار والصمود  المغربي  لاندثر و محي  المطبخ المغربي كثقافة غذائية من التاريخ  مثل ما حصل لثقافات أصيلة في بلدان  أخرى  سوء حظها أنها سقطت تحت الغزو   و الاحتلال   .
اول ظهور للكسكس  في الشرق  كان في كتاب كمال الدين بن العديم ( و ليس ابن النديم المعروف ( وابن العديم  هو المؤرخ و قاضي حلب  في العصر الأيوبي  1192 / 1262  عمر ابن أحمد بن هبة الله  بن أبي جرادة )  رحل من حلب إلى دمشق و فلسطين و العراق و الحجاز  و مات بالقاهرة   ، في كتابه الشهير الوصلة  ( الوصلة الى الحبيب  في وصف الطيبات و الطيب )  ( بينما  يرجعه بعض الباحثين لابن الجزار المصري )  توجد نسخة   منه  في طوب كابي  باسطنبول ،  و فيه وصفة  وحيدة خاصة بالكسكس  ، و كتاب  الرحالة و الفقيه المغربي  العياشي ( رحلة العياشي المعروفة بـ ماء الموائد )   وفيه إشارة إلى  صنع الكسكس في غزة بفلسطين بيد العلامة  الفقيه مؤرخ السعديين  و قاضي فاس  الشيخ  المقري ،
في العصر الفاطمي ( العبيدي )  و العصر المملوكي الأيوبي كان الكسكس شائع في بلاد المشرق العربي كان الكسكس يحضر في عدة بلدان شرقية من القاهرة حتى  دمشق و حلب و في غزة والقدس ثم ما لبث ان اندثر  و انحصر في بعض المناطق الصحراوية  النائية  من مصر  و لا تزال بقايا من وصفاته في صحراء  سيوه آخر محطاته التاريخية   على الحدود الليبية المصرية بعد ان كان  من الأطباق المرغوب فيها في الشرق فلماذا  انحصر بعد تمدده ؟
 انحساره كان في العصر العثماني .   
يجب ان نقرأ التاريخ بطريقة محايدة و بعيدا عن العاطفة  لان في التاريخ  أسئلة غامضة  و لكونها  أساسية  و تتعلق بتراثنا  و بقائه  وديمومته ؟  والسؤال الكبير الذي  يجب ان نطرحه. هو  لماذا استمر المطبخ المغربي وتطور   بينما اندثر و اضمحل في بلدان أخرى قريبة  وبعيدة  ، هذا سؤال جوهري و سؤال فارق  يجب ان يطرحه المغاربة  و  العلماء و الباحثين  ، و لكننا   سنكتفي بطرح. سؤال داخل  هذا الموضوع  ما دام السؤال الكبير تستلزمه  مائدة  كبيرة ،

نحن لا نقول بأن المطبخ المغربي هو الأفضل و الأحسن  في  البلاد العربية  لا .. نحن نقر بأن لكل شعب ذوقه الخاص وطريقة عيشه المفضلة  والخاصة به و نحن نحترمها   ، اننا فقط نركز هنا على  تفرد المطبخ المغربي  مقارنة ببلدان أخرى تتشابه اغذيتها و تستنسخ  بل تكاد تكون هي نفسها في عدة بلدان و أن تغيرت مسمياتها
بقلم الحسين الهواري Houari Hossin