lundi 12 mars 2018

شجرة التين الفاكهة العريقة و رمز شمال إفريقيا

شجرة التين الفاكهة العريقة و رمز شمال إفريقيا
منذ قديم الزمن استوطنت شجرة التين مساحات شاسعة في أرض شمال إفريقيا و في قلوب سكان هذه الأرض حتى صارت رمزا لهم و لحضارتهم الطويلة  فقد عرفها كل انسان عاش في هذا المهد الحضاري و شهدت هذه الشجرة  أمجاد تلك الأمم  المتداولة حتى صارت تمثل الشجرة الرمز لشمال أفريقيا كما صارت  فاكهتها خاصية إفريقية و هي مثل شجرة الزيتون تحمل القدسية و التبجيل والإحترام فقد  جاء ذكرها في القرآن الكريم  و كذلك  في نصوص أخرى مقدسة لعدة معتقدات واعتبرت شجرة من أشجار الجنة  ، كما أنها  واحدة من أشهر  ثلاثة أشجار عمرت آلاف السنين إلى جانب كرمة العنب و شجرة الزيتون  و يأتي بعدهم الرمان و التفاح  و التمر و الجوز  و هي أشجار تكاد تكون تحمل نفس القدسية و نفس الاستعمال المعنوي و حتى نفس الأقدمية  الزمنية الضاربة  في الأبدية  و الأزلية البشرية لا سيما في حوض المتوسط و الهلال الخصيب . فقد  عرفت عند قدماء السومريين في الألفية الثالثة و هي واحدة من أشجار حدائق  بابل المعلقة كما عرفتها حضارة  مصر  القديمة قبل 5000 سنة و توجد رسوم لها في الآثار الفرعونية حيث دخلت في صناعة الأدوية و المشروبات و كذلك عند الإغريق فهي موصوفة بكثرة في أساطيرهم و طقوسهم الدينية و قد وصفها افلاطون بفاكهة الفلاسفة ، كما أنها اعتبرت عند الرومان بالشجرة الحامية Protectrice  و المقدسة  في اسطورة المؤسسين روملس و روميس   الذين ارضعتهما الذئبة تحت شجرة التين . لقد ذكر التين آلاف المرات في المؤلفات الأندلسية ووجدت أكبر و أضخم و حتى أوفر وصف لهذه الشجرة و فاكهتها و كان علماء الأندلس و أطباءها  قد تنافسوا شعرا و نثرا في  وصف مزايا هذه الفاكهة و خصائصها ووصفات الأدوية و العقاقير و الترياق المستخرج من منتجاتها   و قد اعجبت كثيرا بهذا الوصف العجيب لحبة فاكهة التين عند أهل قرطبة و طنجة  و جبل طارق في العصر الأندلسي حيث ألفت كتب  تشمل فضائلها وأنواعها . و اليوم  و بعد أن حدد بلين الكبير في  الزمن القديم عددها في 29 نوعا فإن علماء النبات اليوم  يتفقون على ان عدد أنواعها يتجاوز 800  نوع  . إن الفضل في وصول هذه الشجرة الرمزية  إلى شمال إفريقيا يعود إلى الفينيقيين كما يؤكد ذلك الباحث سان جيسل و قد تم استزراعها في شمال إفريقيا و حوض المتوسط تماما كما حصل مع شجرة الزيتون  . و قد نشر الباحث المغربي سعيد البوزيدي  بحثا رائعا عن  هذه الشجرة  في المغرب وشمال إفريقيا.  و قد استهله  بما  جرى لكايتون مع مستشاري مجلس النواب الروماني أثناء الحرب البونيقية الثالثة ضد قرطاج لما فاجئهم بوضع حبات من فاكهة التين الطري أمامهم  و سألهم  ان يجيبوه عن تاريخ قطف هذه الحبات الطرية فأجمعوا على أنها قطفت  في ذلك اليوم  فضحك وضرب لهم بذلك  مثلا عن غفلته ،  و اجابهم بأنها قطفت قبل ثلاثة أيام  في قرطاج و أنها حملت في سفينة عبر البحر الأبيض المتوسط وأن العدو - اي القرطاجيين- على أبواب روما و  لن يتخلفوا في الوصول اليكم طازجين كهذه الفاكهة …… يتبع ، بقلم الهواري الحسين Houari Hossin