mercredi 25 janvier 2017

الرجوع الى التاريخ flashback لمعرفة أسباب الركود ( التهافت ) و كيف استفاد الغرب من تراثنا . التاريخ كأداة للتطور و معرفة التراث ، بعد القفزة جاءت الكبوة . المطبخ المغربي بين العلمي والعقائدي ( محنة العقل , عصر التنوير والنهضة والحداثة ) بقلم الهواري الحسين النظرية العلمية العالمية أو فكرة التنوير في فلسفة ابن رشد و اتهامه بالزندقة ، مناصحته للخليفة أبو يعقوب يوسف بن عبد المومن الموحدي التي استفاد منها الأوروبيين و استهان بها العرب ، كان الغرب يعيش في ظلام القرون الوسطى في القرن 12 بينما العكس ففي مراكش انكب السلطان الموحدي المتنور يوسف بن عبد المؤمن وحوله كبار الفلاسفة و الحكماء يبنون النظرية العالمية الجديدة و أخص بالذكر هنا الفلاسفة ابن رشد وابن طفيل وابن زهر من المتنورين . لاحقا سيهاجر غيرهم الى المغرب. طلبا للعلم . أما أعظم إنجازات ابن رشد فهو الذي نشره تلامذته في أوروبا، ليخرجوا العقل الأوروبي من ظلمات القرون الوسطى إلى أنوار النهضة والحداثة . أما الحادث الأكثر أهمية، وربما يكون الحادث المصيري، في حياة ابن رشد، فكان استدعاء الخليفة الموحدي المتنور، يوسف بن يعقوب له، وطلبه منه إعادة كتابة أرسطو بما يقرّبه من أفهام الناس؛ وقد روى ابن رشد نفسه كيف بدأت هذه الحادثة بقوله(الجابري، ص ص 46-47): "لما دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طفيل، ليس معهما غيرهما. فأخذ أبو بكر يثني عليّ، ويذكر بيتي وسلفي، ويضم، بفضله، إلى ذلك أشياء لا يبلغها قدري. فكان أول ما فاتحني به أمير المؤمنين، بعد أن سألني عن اسمي واسم أبي ونسبي، أن قال لي: ما رأيهم في السماء، يعني الفلاسفة أقديمة هي أم حادثة. فأدركني الحياء والخوف، فأخذت أتعلل وأنكر اشتغالي بعلم الفلسفة، ولم أكن أدري ما قرر معه ابن طفيل. ففهم أمير المؤمنين مني الروع والحياء، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلم على المسألة التي سألني عنها ويذكر ما قاله أرسطو طاليس وأفلاطون وجميع الفلاسفة، ويورد مع ذلك احتجاج أهل الإسلام عليهم. فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنها في أحد من المشتغلين بهذا الشأن المتفرغين له. ولم يزل يبسطني حتى تكلمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلما انصرفت أمرلي بمال وخلعة سنية ومركب". وكان إنجازه المهم الثاني دفاعه المقتدر عن الفلسفة في المغرب العربي، بعد أن بطش بهاسلاطين الظلام في المشرق، وقد تجلى دفاعه الجبار هذا في مؤلفاته التي تعانقت فيها الحكمة أي الفلسفة، وأختها الرضيعة، أي الشريعة عناقاً حاراً، وهي:"فصل المقال"، و"الكشف عن مناهج الأدلة"، و "تهافت التهافت". لا يتسع المجال هنا لمقارنة ابن رشد مع غيره من الفلاسفة العرب والمسلمين، ولكن شيئاً واحداً لا يمكن القفز عنه، ألا وهو موقفه المتميز تجاه المرأة، بالدعوة إلى مشاركتها في المجال العام، ومساواتها بالرجل في التعليم والجندية وتولي مختلف المناصب العامة. في رد ابن رشد ( تهافت التهافت ) على أبو حامد الغزالي ( تهافت الفلاسفة ) مهمة حول الحوار في مؤلفات ابن رشد الأصلية، ولا سيما "تهافت التهافت"؛ ومن الممكن الاستفادة منها في استخلاص مبادئ الحوار عنده؛ وهذا هو ما قام به المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري، ودوّنه في تقديمه لكتاب "تهافت التهافت "و مواضع أخرى ، وسنقدم هذه المبادئ – بتعديل طفيف – فيما يأتي: الهدف من الحوار التوصل إلى الحقيقة. اعتماد المنطق – البرهاني – وقواعده في الحوار. تفهم الآخر وعدم التنكر للاستفادة منه. الاعتراف بالحق في الخطأ والاختلاف. الاجتهاد في فهم آراء الآخر ضمن مرجعيتها الخاصة. التزام الأمانة العلمية. ما فتح الباب لهجرة الأدمغة الأندلسية إلى المغرب بعد ذلك، لقد نادى ابن رشد من مراكش بتحرير العقل و عولمة المجتمع و عن لقائه الأول بالخليفة يسرد ابن خلكان إعجاب السلطان بالفيلسوف ابن رشد قوله في تحرير المرأة . لكن تلة من المتحجرين ما فتؤوا يحرصون السلطان عليه حتى نفاه . هناك فرق كبير بين العلمي والغيبي ، اقرا هذا المقال : ابن رشد: فيلسوف التنوير بقلم علي خليل حمد 1- المقدمة ولد محمد بن أحمد بن رشد، عام (520 = 1126م) في قرطبة، التي كان جده كما كان والده قاضياً فيها؛ وقد أتاحت له البيئة العلمية التي نشأ وترعرع فيها التمكن من كلتا العلوم الشرعية والعقلية في سن مبكرة من حياته. ولعل أدق ما يوصف به إقبال ابن رشد على المعرفة ونشرها، أن يقال إنه نذر نفسه وحياته لهما؛ حتى حكي عنه أنه لم يدع النظر ولا القراءة منذ عقَل، إلا ليلة وفاة أبيه وليلة بنائه على أهله، وأنه سوّد فيما صنّف وقيّد وألّف وهذّب واختصر نحواً من عشرة آلاف ورقة. وقد دفع ما اشتهر به من تضلع من العلوم، ومن استقامة ونزاهة، وبصيرة ثاقبة دفع ذلك الخليفة الموحدي الأول، عبد المؤمن، إلى أن يطلب منه المشاركة في لجنة إعداد"الأطر"الشابة التي أراد لها أن تصبح قيادات المستقبل في دولته الناشئة. أما الحادث الأكثر أهمية، وربما يكون الحادث المصيري، في حياة ابن رشد، فكان استدعاء الخليفة الموحدي المتنور، يوسف بن يعقوب له، وطلبه منه إعادة كتابة أرسطو بما يقرّبه من أفهام الناس؛ وقد روى ابن رشد نفسه كيف بدأت هذه الحادثة بقوله(الجابري، ص ص 46-47): "لما دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طفيل، ليس معهما غيرهما. فأخذ أبو بكر يثني عليّ، ويذكر بيتي وسلفي، ويضم، بفضله، إلى ذلك أشياء لا يبلغها قدري. فكان أول ما فاتحنى به أمير المؤمنين، بعد أن سألني عن اسمي واسم أبي ونسبي، أن قال لي: ما رأيهم في السماء، يعني الفلاسفة أقديمة هي أم حادثة. فأدركني الحياء والخوف، فأخذت أتعلل وأنكر اشتغالي بعلم الفلسفة، ولم أكن أدري ما قرر معه ابن طفيل. ففهم أمير المؤمنين مني الروع والحياء، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلم على المسألة التي سألني عنها ويذكر ما قاله أرسطوطاليس وأفلاطون وجميع الفلاسفة، ويورد مع ذلك احتجاج أهل الإسلام عليهم. فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنها في أحد من المشتغلين بهذا الشأن المتفرغين له. ولم يزل يبسطني حتى تكلمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلما انصرفت أمرلي بمال وخلعة سنية ومركب". شهدت فترة حكم الخليفة المتنور، يوسف بن عبد المؤمن(1163-1184م) ازدهار النشاط الفكري والعملي عند ابن رشد؛ ففي حين انكبّ على مؤلفات أرسطو(وجالينوس) تلخيصاً أو شرحاً بين وجيز ومطول، تقلب في مناصب إدارية مختلفة، فقد عينه الخليفة قاضياً لإشبيلية سنة 1169، ثم قاضياً في قرطبة سنة 1171، ثم أصبح طبيب الخليفة وجليسه سنة 1182، ليعود إلى قرطبة سنة للقضاء فيها (قمير، ص9). بقي ابن رشد يتمتع بتلك الحظوة في عهد الخليفة المنصور(1184-1198) بعد وفاة والده يوسف؛ وذلك حتى سنة 1195، التي وقعت فيها نكبة ابن رشد، عندما حرض الفقهاء والعوام الملك المنصور ضده، أو عندما حرض المنصورالفقهاء والعوام ضده، كما يقول محمد عابد الجابري، وذلك لاعتباره كتاب ابن رشد"الضروري في السياسة"طعناً في سياسته ونظام حكمه؛ وانتهى الأمر باتهام ابن رشد بالزندقة، وبإحراق كتبه، ونفيه، حيث بقي أربع سنوات في المنفى، قبل عودته إلى بلاط المنصور سنة 1198، وهي السنة التي توفي فيها الاثنان: المنصور وابن رشد. دفن ابن رشد في مراكش، ثم نقل جثمانه إلى قرطبة بعد ثلاثة أشهر، ليدفن في مقبرة أجداده. وقد قال ابن عربي الذي شهد نقله: "ولما جعل التابوت الذي فيه جسده على الدابة، جعلت تواليفه تعادله من الجانب الآخر." يبلغ عدد مصنفات ابن رشد أكثر من ستين كتاباً ومقالة، تتوزع في أربعة مجالات معرفية: علوم الفلسفة، وأكثرها تلخيصات وشروح لمؤلفات أرسطو؛ والطب، وأكثرها تلخيصات لكتب جالينوس؛ والفقة، وأكثرها من تأليف ابن رشد نفسه؛ واللغة، وتتألف من كتابين في النحو والصرف. تبنّى ابن رشد فلسفة المعلم الأول أرسطو، وخلصها من الشوائب التي علقت بها عبر مئات السنين، وبخاصة مثاليات أفلاطون وأفلوطين، ولم يزل يتعهدها بالدرس والشرح والإكمال إلى أن أصبح اسم الشارح الأكبر علماً عليه يذكر كلما ذكر المعلم الأول. وكان إنجازه المهم الثاني دفاعه المقتدر عن الفلسفة في المغرب العربي، بعد أن بطش بها الغزالي والأشعرية وسلاطين الظلام في المشرق، وقد تجلى دفاعه الجبار هذا في مؤلفاته التي تعانقت فيها الحكمة أي الفلسفة، وأختها الرضيعة، أي الشريعة عناقاً حاراً، وهي:"فصل المقال"، و"الكشف عن مناهج الأدلة"، و "تهافت التهافت". أما أعظم إنجازات ابن رشد فهو الذي لم يقم به بنفسه، بل قام به تلامذته الرائعون في أوروبا، ليخرجوا العقل الأوروبي من ظلمات القرون الوسطى إلى أنوار النهضة، متجاوزين فيها وفي الحداثة التي تلتها آباءهم العرب وأجدادهم اليونان، كما هو حال أجيال الفكر في كل مكان وزمان. لا يتسع المجال هنا لمقارنة ابن رشد مع غيره من الفلاسفة العرب والمسلمين، ولكن شيئاً واحداً لا يمكن القفز عنه، ألا وهو موقفه المتميز تجاه المرأة، بالدعوة إلى مشاركتها في المجال العام، ومساواتها الرجل في التعليم والجندية وتولي مختلف المناصب العامة. كما ينبغي أن لا ننسى أهميته الحاضرة، والتي لخصها فريد العليبي(2007، ص24-25)، بقوله: "لقد طرق فيلسوف قرطبة إشكالية السياسة وما تتفرع إليها من قضايا من زاوية عقلية، ومن البيّن أن الكثير من طروحاته لا تزال محافظة على قيمتها بالنسبة إلى العرب على وجه الخصوص، مثل موقفه من المرأة، ونقده للجور والاستبداد، ودعوته إلى النظر في الشأن السياسي من موقع التفكر والرويّة، وتصديه لتدخل رجال الدين في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية، ودفاعه عن تأصيل الفلسفة في التربية العربية. وعندما نلقي نظرة على ما يحدث راهنا في دنيا العرب من انتشار التكفير وغياب التسامح وتفشي الطائفية إلخ...نتنبه إلى راهنية ابن رشد، ونقف على مدى الحاجة للإفادة من الموروث الزاخر الذي تركه لنا." 2- مبادئ الحوار أسهمت عدة عوامل في تشكيل علاقة خاصة بين فكر ابن رشد وعالم الحوار، وفي تعميق هذه العلاقة وإرهافها، ومن هذه العوامل: أولاً: اهتمام فيلسوف قرطبة بالفكر الإغريقي الذي شغل فيه الجدل السفسطائي وما يقابله، أي منطق أرسطو، حيزاً كبيراً؛ وثانياً: مهنة حياة ابن رشد وهي القضاء الذي يستلزم تمحيص الأقوال وتلمس الحقائق؛ وثالثاً: حساسية الصراع بين الفلسفة الرشدية والمذهب الكلامي الأشعري الذي اتسع نفوذه في الأندلس في زمن ابن رشد؛ ورابعا وأخيراً: كون ابن رشد فيلسوفاً بمعنى الكلمة أي محبة الحقيقة، والبحث عنها وتجليتها بما يصلح الناس ويساعدهم على بلوغ كمالاتهم الإنسانية. يجد الباحث ملاحظات مهمة حول الحوار في مؤلفات ابن رشد الأصلية، ولا سيما "تهافت التهافت"؛ ومن الممكن الاستفادة منها في استخلاص مبادئ الحوار عنده؛ وهذا هو ما قام به المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري، ودوّنه في تقديمه لكتاب "تهافت التهافت "و مواضع أخرى ( حمد، 2011، ص 175)؛ وسنقدم هذه المبادئ – بتعديل طفيف – فيما يأتي: الهدف من الحوار التوصل إلى الحقيقة. اعتماد المنطق – البرهاني – وقواعده في الحوار. تفهم الآخر وعدم التنكر للاستفادة منه. الاعتراف بالحق في الخطأ والاختلاف. الاجتهاد في فهم آراء الآخر ضمن مرجعيتها الخاصة. التزام الأمانة العلمية. لا يتسع المجال، هنا، لتفصيل القول في هذه المبادئ، إلا أن من المفيد تقديم بعض الأمثلة التوضيحية لبعضها، من تعليقات ابن رشد على مسائل الخلاف بينه وبين الغزالي والأشعرية، في كتابه "تهافت التهافت"بوجه خاص. 5: الاجتهاد في فهم آراء الآخر ضمن مرجعيته الخاصة من الحق أن يأخذ المحاور في الحسبان المسلمات التي تستند إليها أقوال الآخر، ولا يحاكم تلك الأقوال بناء على مسلماته الخاصه أو أية مسلمات أخرى، وفي هذا الشأن يقول ابن رشد (ص 363 ): "كلام الفلاسفة مع هذا الرجل، في هذه المسألة، ينبني على أصول لهم يجب أن يتقدم فيتكلم فيها: فإنهم إذا سلم لهم ما وضعوه منها، وزعموا أن البرهان قادهم إليه، لم يلزمهم شيء من هذه الإلزامات كلها." 6: التزام الأمانة العلمية يتكرر تنديد ابن رشد في أكثر من موضع في كتابه "تهافت التهافت "، بعدم التزام الأمانة العلمية، من قبل الغزالي بوجه خاص، وذلك ممالأة منه للحكام وأصحاب النفوذ، ومن ذلك قوله (ص 134 ): "فإتيانه بمثل هذه الأقاويل السفسطائيه قبيح، فإنه يظن به أنه ممّن لا يذهب عليه ذلك. وإنما أراد بذلك مداهنة أهل زمانه وهو بعيد من خلق القاصدين لإظهار الحق. ولعل الرجل معذور بحسب وقته ومكانه، فإن هذا الرجل امتحن في كتبه. ولكون هذه الأقاويل ليست بمفيدة نوعا من اليقين ." ويقول ( ص 231 ): "هذا الجواب هو من أمثال البطالين(= يبطلون الحقائق ) الذين ينتقلون من تغليط إلى تغليط، وأبو حامد أعظم مقاماً من هذا، ولكن لعل أهل زمانه اضطروه إلى هذا الكتاب لينفي عن نفسه الظنة بأنه يرى رأي الحكماء." 3- المرأة ينفرد ابن رشد من الفلاسفة والمفكرين الآخرين بآرائه وتوجهاته المنصفة للمرأة، وبدعوته إلى المساواة بين الجنسين، مخالفا بذلك أستاذه الجليل أرسطو، القائل بدونية المرأة؛ وتتجلى هذه الآراء والتوجهات الإيجابية من ابن رشد في كلتا مقاربتيه السياسية والفقهية يتبع .... الهواري الحسين Houari Hossin
تهافت الطباخين المطبخ المغربي بين العلمي والعقائدي سبب الركود ( محنة العقل عصر التنوير والنهضة والحداثة ) النظرية العلمية العالمية أو فكرة التنوير في فلسفة ابن رشد و اتهامه بالزندقة ، مناصحته للخليفة أبو يعقوب يوسف بن عبد المومن الموحدي التي استفاد منها الأوروبيين و استهان بها العرب ، كان الغرب يعيش في ظلام القرون الوسطى في القرن 12 بينما العكس ففي مراكش انكب السلطان الموحدي المتنور يوسف بن عبد المؤمن وحوله كبار الفلاسفة و الحكماء يبنون النظرية العالمية الجديدة و أخص بالذكر هنا الفلاسفة ابن رشد وابن طفيل وابن زهر و غيرهم من المتنورين . أما أعظم إنجازات ابن رشد فهو الذي نشره تلامذته في أوروبا، ليخرجوا العقل الأوروبي من ظلمات القرون الوسطى إلى أنوار النهضة والحداثة . أما الحادث الأكثر أهمية، وربما يكون الحادث المصيري، في حياة ابن رشد، فكان استدعاء الخليفة الموحدي المتنور، يوسف بن يعقوب له، وطلبه منه إعادة كتابة أرسطو بما يقرّبه من أفهام الناس؛ وقد روى ابن رشد نفسه كيف بدأت هذه الحادثة بقوله(الجابري، ص ص 46-47): "لما دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طفيل، ليس معهما غيرهما. فأخذ أبو بكر يثني عليّ، ويذكر بيتي وسلفي، ويضم، بفضله، إلى ذلك أشياء لا يبلغها قدري. فكان أول ما فاتحني به أمير المؤمنين، بعد أن سألني عن اسمي واسم أبي ونسبي، أن قال لي: ما رأيهم في السماء، يعني الفلاسفة أقديمة هي أم حادثة. فأدركني الحياء والخوف، فأخذت أتعلل وأنكر اشتغالي بعلم الفلسفة، ولم أكن أدري ما قرر معه ابن طفيل. ففهم أمير المؤمنين مني الروع والحياء، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلم على المسألة التي سألني عنها ويذكر ما قاله أرسطو طاليس وأفلاطون وجميع الفلاسفة، ويورد مع ذلك احتجاج أهل الإسلام عليهم. فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنها في أحد من المشتغلين بهذا الشأن المتفرغين له. ولم يزل يبسطني حتى تكلمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلما انصرفت أمرلي بمال وخلعة سنية ومركب". وكان إنجازه المهم الثاني دفاعه المقتدر عن الفلسفة في المغرب العربي، بعد أن بطش بها الغزالي والأشعرية وسلاطين الظلام في المشرق، وقد تجلى دفاعه الجبار هذا في مؤلفاته التي تعانقت فيها الحكمة أي الفلسفة، وأختها الرضيعة، أي الشريعة عناقاً حاراً، وهي:"فصل المقال"، و"الكشف عن مناهج الأدلة"، و "تهافت التهافت". لا يتسع المجال هنا لمقارنة ابن رشد مع غيره من الفلاسفة العرب والمسلمين، ولكن شيئاً واحداً لا يمكن القفز عنه، ألا وهو موقفه المتميز تجاه المرأة، بالدعوة إلى مشاركتها في المجال العام، ومساواتها بالرجل في التعليم والجندية وتولي مختلف المناصب العامة. في رد ابن رشد ( تهافت التهافت ) على أبو حامد الغزالي ( تهافت الفلاسفة ) مهمة حول الحوار في مؤلفات ابن رشد الأصلية، ولا سيما "تهافت التهافت"؛ ومن الممكن الاستفادة منها في استخلاص مبادئ الحوار عنده؛ وهذا هو ما قام به المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري، ودوّنه في تقديمه لكتاب "تهافت التهافت "و مواضع أخرى ( حمد، 2011، ص 175)؛ وسنقدم هذه المبادئ – بتعديل طفيف – فيما يأتي: الهدف من الحوار التوصل إلى الحقيقة. اعتماد المنطق – البرهاني – وقواعده في الحوار. تفهم الآخر وعدم التنكر للاستفادة منه. الاعتراف بالحق في الخطأ والاختلاف. الاجتهاد في فهم آراء الآخر ضمن مرجعيتها الخاصة. التزام الأمانة العلمية. ما فتح الباب لهجرة الأدمغة الأندلسية إلى المغرب بعد ذلك، لقد نادى ابن رشد من مراكش بتحرير العقل و عولمة المجتمع و عن لقائه الأول بالخليفة يسرد ابن خلكان إعجاب السلطان بالفيلسوف ابن رشد في نصه ( قوله في تحرير المرأة لكن تلة من المتحجرين ( جماعة الأشعرية و الغزالي ) ما فتؤوا يحرصون السلطان عليه حتى نفاه هناك فرق كبير بين العلمي والغيبي ، ابن رشد: فيلسوف التنوير بقلم علي خليل حمد 1- المقدمة ولد محمد بن أحمد بن رشد، عام (520 = 1126م) في قرطبة، التي كان جده كما كان والده قاضياً فيها؛ وقد أتاحت له البيئة العلمية التي نشأ وترعرع فيها التمكن من كلتا العلوم الشرعية والعقلية في سن مبكرة من حياته. ولعل أدق ما يوصف به إقبال ابن رشد على المعرفة ونشرها، أن يقال إنه نذر نفسه وحياته لهما؛ حتى حكي عنه أنه لم يدع النظر ولا القراءة منذ عقَل، إلا ليلة وفاة أبيه وليلة بنائه على أهله، وأنه سوّد فيما صنّف وقيّد وألّف وهذّب واختصر نحواً من عشرة آلاف ورقة. وقد دفع ما اشتهر به من تضلع من العلوم، ومن استقامة ونزاهة، وبصيرة ثاقبة دفع ذلك الخليفة الموحدي الأول، عبد المؤمن، إلى أن يطلب منه المشاركة في لجنة إعداد"الأطر"الشابة التي أراد لها أن تصبح قيادات المستقبل في دولته الناشئة. أما الحادث الأكثر أهمية، وربما يكون الحادث المصيري، في حياة ابن رشد، فكان استدعاء الخليفة الموحدي المتنور، يوسف بن يعقوب له، وطلبه منه إعادة كتابة أرسطو بما يقرّبه من أفهام الناس؛ وقد روى ابن رشد نفسه كيف بدأت هذه الحادثة بقوله(الجابري، ص ص 46-47): "لما دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طفيل، ليس معهما غيرهما. فأخذ أبو بكر يثني عليّ، ويذكر بيتي وسلفي، ويضم، بفضله، إلى ذلك أشياء لا يبلغها قدري. فكان أول ما فاتحنى به أمير المؤمنين، بعد أن سألني عن اسمي واسم أبي ونسبي، أن قال لي: ما رأيهم في السماء، يعني الفلاسفة أقديمة هي أم حادثة. فأدركني الحياء والخوف، فأخذت أتعلل وأنكر اشتغالي بعلم الفلسفة، ولم أكن أدري ما قرر معه ابن طفيل. ففهم أمير المؤمنين مني الروع والحياء، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلم على المسألة التي سألني عنها ويذكر ما قاله أرسطوطاليس وأفلاطون وجميع الفلاسفة، ويورد مع ذلك احتجاج أهل الإسلام عليهم. فرأيت منه غزارة حفظ لم أظنها في أحد من المشتغلين بهذا الشأن المتفرغين له. ولم يزل يبسطني حتى تكلمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلما انصرفت أمرلي بمال وخلعة سنية ومركب". شهدت فترة حكم الخليفة المتنور، يوسف بن عبد المؤمن(1163-1184م) ازدهار النشاط الفكري والعملي عند ابن رشد؛ ففي حين انكبّ على مؤلفات أرسطو(وجالينوس) تلخيصاً أو شرحاً بين وجيز ومطول، تقلب في مناصب إدارية مختلفة، فقد عينه الخليفة قاضياً لإشبيلية سنة 1169، ثم قاضياً في قرطبة سنة 1171، ثم أصبح طبيب الخليفة وجليسه سنة 1182، ليعود إلى قرطبة سنة للقضاء فيها (قمير، ص9). بقي ابن رشد يتمتع بتلك الحظوة في عهد الخليفة المنصور(1184-1198) بعد وفاة والده يوسف؛ وذلك حتى سنة 1195، التي وقعت فيها نكبة ابن رشد، عندما حرض الفقهاء والعوام الملك المنصور ضده، أو عندما حرض المنصورالفقهاء والعوام ضده، كما يقول محمد عابد الجابري، وذلك لاعتباره كتاب ابن رشد"الضروري في السياسة"طعناً في سياسته ونظام حكمه؛ وانتهى الأمر باتهام ابن رشد بالزندقة، وبإحراق كتبه، ونفيه، حيث بقي أربع سنوات في المنفى، قبل عودته إلى بلاط المنصور سنة 1198، وهي السنة التي توفي فيها الاثنان: المنصور وابن رشد. دفن ابن رشد في مراكش، ثم نقل جثمانه إلى قرطبة بعد ثلاثة أشهر، ليدفن في مقبرة أجداده. وقد قال ابن عربي الذي شهد نقله: "ولما جعل التابوت الذي فيه جسده على الدابة، جعلت تواليفه تعادله من الجانب الآخر." يبلغ عدد مصنفات ابن رشد أكثر من ستين كتاباً ومقالة، تتوزع في أربعة مجالات معرفية: علوم الفلسفة، وأكثرها تلخيصات وشروح لمؤلفات أرسطو؛ والطب، وأكثرها تلخيصات لكتب جالينوس؛ والفقة، وأكثرها من تأليف ابن رشد نفسه؛ واللغة، وتتألف من كتابين في النحو والصرف. تبنّى ابن رشد فلسفة المعلم الأول أرسطو، وخلصها من الشوائب التي علقت بها عبر مئات السنين، وبخاصة مثاليات أفلاطون وأفلوطين، ولم يزل يتعهدها بالدرس والشرح والإكمال إلى أن أصبح اسم الشارح الأكبر علماً عليه يذكر كلما ذكر المعلم الأول. وكان إنجازه المهم الثاني دفاعه المقتدر عن الفلسفة في المغرب العربي، بعد أن بطش بها الغزالي والأشعرية وسلاطين الظلام في المشرق، وقد تجلى دفاعه الجبار هذا في مؤلفاته التي تعانقت فيها الحكمة أي الفلسفة، وأختها الرضيعة، أي الشريعة عناقاً حاراً، وهي:"فصل المقال"، و"الكشف عن مناهج الأدلة"، و "تهافت التهافت". أما أعظم إنجازات ابن رشد فهو الذي لم يقم به بنفسه، بل قام به تلامذته الرائعون في أوروبا، ليخرجوا العقل الأوروبي من ظلمات القرون الوسطى إلى أنوار النهضة، متجاوزين فيها وفي الحداثة التي تلتها آباءهم العرب وأجدادهم اليونان، كما هو حال أجيال الفكر في كل مكان وزمان. لا يتسع المجال هنا لمقارنة ابن رشد مع غيره من الفلاسفة العرب والمسلمين، ولكن شيئاً واحداً لا يمكن القفز عنه، ألا وهو موقفه المتميز تجاه المرأة، بالدعوة إلى مشاركتها في المجال العام، ومساواتها الرجل في التعليم والجندية وتولي مختلف المناصب العامة. كما ينبغي أن لا ننسى أهميته الحاضرة، والتي لخصها فريد العليبي(2007، ص24-25)، بقوله: "لقد طرق فيلسوف قرطبة إشكالية السياسة وما تتفرع إليها من قضايا من زاوية عقلية، ومن البيّن أن الكثير من طروحاته لا تزال محافظة على قيمتها بالنسبة إلى العرب على وجه الخصوص، مثل موقفه من المرأة، ونقده للجور والاستبداد، ودعوته إلى النظر في الشأن السياسي من موقع التفكر والرويّة، وتصديه لتدخل رجال الدين في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية، ودفاعه عن تأصيل الفلسفة في التربية العربية. وعندما نلقي نظرة على ما يحدث راهنا في دنيا العرب من انتشار التكفير وغياب التسامح وتفشي الطائفية إلخ...نتنبه إلى راهنية ابن رشد، ونقف على مدى الحاجة للإفادة من الموروث الزاخر الذي تركه لنا." 2- مبادئ الحوار أسهمت عدة عوامل في تشكيل علاقة خاصة بين فكر ابن رشد وعالم الحوار، وفي تعميق هذه العلاقة وإرهافها، ومن هذه العوامل: أولاً: اهتمام فيلسوف قرطبة بالفكر الإغريقي الذي شغل فيه الجدل السفسطائي وما يقابله، أي منطق أرسطو، حيزاً كبيراً؛ وثانياً: مهنة حياة ابن رشد وهي القضاء الذي يستلزم تمحيص الأقوال وتلمس الحقائق؛ وثالثاً: حساسية الصراع بين الفلسفة الرشدية والمذهب الكلامي الأشعري الذي اتسع نفوذه في الأندلس في زمن ابن رشد؛ ورابعا وأخيراً: كون ابن رشد فيلسوفاً بمعنى الكلمة أي محبة الحقيقة، والبحث عنها وتجليتها بما يصلح الناس ويساعدهم على بلوغ كمالاتهم الإنسانية. يجد الباحث ملاحظات مهمة حول الحوار في مؤلفات ابن رشد الأصلية، ولا سيما "تهافت التهافت"؛ ومن الممكن الاستفادة منها في استخلاص مبادئ الحوار عنده؛ وهذا هو ما قام به المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري، ودوّنه في تقديمه لكتاب "تهافت التهافت "و مواضع أخرى ( حمد، 2011، ص 175)؛ وسنقدم هذه المبادئ – بتعديل طفيف – فيما يأتي: الهدف من الحوار التوصل إلى الحقيقة. اعتماد المنطق – البرهاني – وقواعده في الحوار. تفهم الآخر وعدم التنكر للاستفادة منه. الاعتراف بالحق في الخطأ والاختلاف. الاجتهاد في فهم آراء الآخر ضمن مرجعيتها الخاصة. التزام الأمانة العلمية. لا يتسع المجال، هنا، لتفصيل القول في هذه المبادئ، إلا أن من المفيد تقديم بعض الأمثلة التوضيحية لبعضها، من تعليقات ابن رشد على مسائل الخلاف بينه وبين الغزالي والأشعرية، في كتابه "تهافت التهافت"بوجه خاص. 5: الاجتهاد في فهم آراء الآخر ضمن مرجعيته الخاصة من الحق أن يأخذ المحاور في الحسبان المسلمات التي تستند إليها أقوال الآخر، ولا يحاكم تلك الأقوال بناء على مسلماته الخاصه أو أية مسلمات أخرى، وفي هذا الشأن يقول ابن رشد (ص 363 ): "كلام الفلاسفة مع هذا الرجل، في هذه المسألة، ينبني على أصول لهم يجب أن يتقدم فيتكلم فيها: فإنهم إذا سلم لهم ما وضعوه منها، وزعموا أن البرهان قادهم إليه، لم يلزمهم شيء من هذه الإلزامات كلها." ويقول (ص 248 ): "فانظر هذا الغلط ما أكثره على الحكماء! فعليك أن تتبين في قولهم هذا: هل هو برهان أم لا . أعني: في كتب القدماء، لا في كتب ابن سينا وغيره، الذين غيروا مذهب القوم في العلم الإلهي، حتى صار ظنياً ." ويقول ( ص 258): "وأمثال هذه الأقاويل لا ينبغي أن يتلقى بها آراء العلماء وأهل النظر. وقد كان الواجب عليه إذ ذكر هذه الأشياء أن يذكر الآراء التي حركتهم إلى هذه الأشياء. حتى يقايس السامع بينها وبين الأقاويل التي يروم بها هو إبطالها ." 6: التزام الأمانة العلمية يتكرر تنديد ابن رشد في أكثر من موضع في كتابه "تهافت التهافت "، بعدم التزام الأمانة العلمية، من قبل الغزالي بوجه خاص، وذلك ممالأة منه للحكام وأصحاب النفوذ، ومن ذلك قوله (ص 134 ): "فإتيانه بمثل هذه الأقاويل السفسطائيه قبيح، فإنه يظن به أنه ممّن لا يذهب عليه ذلك. وإنما أراد بذلك مداهنة أهل زمانه وهو بعيد من خلق القاصدين لإظهار الحق. ولعل الرجل معذور بحسب وقته ومكانه، فإن هذا الرجل امتحن في كتبه. ولكون هذه الأقاويل ليست بمفيدة نوعا من اليقين ." ويقول ( ص 231 ): "هذا الجواب هو من أمثال البطالين(= يبطلون الحقائق ) الذين ينتقلون من تغليط إلى تغليط، وأبو حامد أعظم مقاماً من هذا، ولكن لعل أهل زمانه اضطروه إلى هذا الكتاب لينفي عن نفسه الظنة بأنه يرى رأي الحكماء." 3- المرأة ينفرد ابن رشد من الفلاسفة والمفكرين الآخرين بآرائه وتوجهاته المنصفة للمرأة، وبدعوته إلى المساواة بين الجنسين، مخالفا بذلك أستاذه الجليل أرسطو، القائل بدونية المرأة؛ وتتجلى هذه الآراء والتوجهات الإيجابية من ابن رشد في كلتا مقاربتيه السياسية والفقهية. المرأة في السياسة